أحكام الولاء والبراء
1_ أحكام موافقة الكفار والتشبه بهم.
2_ أحكام السفر إلى بلاد الكفر .
3_حكم التعامل مع الكفار .
4_ الفرق بين عقيدة المولاة وحسن المعاملة.
أولا: ( أحكام موافقة الكفار والتشبه بهم)
للمسلم في موافقته للكفار ثلاث حالات:
الأولى: الموافقة لهم في الظاهر والباطن فهذا كفر مخرج عن ملة
الإسلام.
ثانيا: الموافقة في الباطن دون الظاهر فهذا أيضا كفر مخرج عن
الملة إجماعا، لأنه نفاق عقدي أكبر وهو مخرج عن ملة الإسلام.
ثالثا: الموافقة في الظاهر دون الباطن وهي على نوعين:
النوع الأول: أن تكون الموافقة في الظاهر بسـبب الإكـراه
بالضرب والقتل والتعذيب بالفعل، لا بمجرد التهديد، ففـي هـذه
الحالة لا يكفر مادامت الموافق باللسان، والقلب مطمئن بالإيمـان
والنوع الثاني: أن يوافقهم في ظاهره مع مخالفتهم في البـاطن
لغرض دنيوي، كحب رياسة، وطمع في جاه ومنزلة، ونحو ذلـك.
وقد اختلف العلماء في كفر من كان هذا حاله على قولين:
القول الأول: أنه يكفر الكفر المخرج عن الملة لظـاهر قولـه
سبحانه: ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآَخِرَةِ وَأَنَّ اللَّهَ
لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ] سورة النحل، الآية: ١٠٧ [فسـماهم
كافرين لتقديمهم الدنيا على الدين.
القول الثاني: أنه لا يكفر كفرا مخرجا عن الملة، بل كفرا أصغر،
وهو كبيرة من الكبائر، وبناء هذا القول وهو الفرق بـين المـوالاة
. (١ (والتولي فهو من قبيل التولي، فلا يكون كفرا أكبر
ولقد حرص الإسلام على تميز المسلمين لـيس في المضـمون
فحسب وإنما حتى في المظهر العام للمسلم في نفسـه وللمجتمـع
الإسلامي في عمومه.
ولذلك كان النهي عن التشبه بالكفار أحد التكاليف الربانيـة
لهذه العقيدة.
ثانيا( أحكام السفر إلى بلاد الكفار)
للسفر والإقامة في بلاد الكفار حكمان:
أحدهما: جائز. والثاني: محرم.
فالجائز له ثلاث حالات:
الحالة الأولى:
السفر والإقامة لغرض الدعوة إلى االله مع الأمن على الـدين،
والقدرة على الجهر بشعائر الإسلام بلا معارضة في شيء منها، وأن يكون قادرا على الولاء والبراء. ومن هذه ما هو مستحب كالسفر
للجهاد في سبيل االله.
الحالة الثانية:
السفر من أجل التجارة وهو عارف بدينه، آمن عليـه، قـادر
على الجهر بشعائره، قادر على الولاء والبراء.
الحالة الثالثة:
المستضعفون من الرجال والنساء والولدان الـذين لا يملكـون
الهجرة ولا يستطيعوهنا. ومنها المسلم في بلاد الكفار الذي تحـول
دون هجرته الظروف السياسية والجغرافية.
والحكم الثاني وهو التحريم وله حالتان:
الحالة الأولى:
أن يسافر لغرض دنيوي ولكنه آمن من الفتنة عالم بدينه لكن لا
يستطيع الجهر بالشعائر على سبيل الكمال وعدم المعارضة فهـذه
كبيرة من كبائر الذنوب.
الحالة الثانية:
سفر إلى بلاد الكفار موالاة لهم، واستحسانا لما هم عليه، فهو
كافر الكفر الأكبر المخرج عن ملة الإسلام لظاهر قوله سـبحانه:
. (١ (وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ] سورة المائدة، الآية: ٥١
فليتق المسلم االله في أهله وأولاده، بل وفي دينه، فـإن النظـرة
تجلب الخطرة، والخطرة توقع في الفكرة والفكرة توقع في المعصـية
وقد اشترط العلماء لجواز السفر إلى بلاد الكفر ثلاث شروط:
١ -أن يكون عند الإنسان علم يدفع به الشبهات.
٢ -أن يكون عنده دين يدفع به الشهوات.
٣ -أن يكون محتاجا إلى ذلك، كعلاج، أو طلب علـم لا
يوجد في بلاد الإسلام فإن لم تتم هذه الشروط فإنه لا يجوز السفر
إلى بلاد الكفار.
وأما السفر للسياحة إلى بلاد الكفار، فهذا لـيس بضـرورة،
وبإمكانه أن يذهب إلى بلاد إسلامية يحافظ أهلها علـى شـعائر الإسلام.
ثالثا ( حكم التعامل مع الكفار)
تجوز المعاوضة معهم في عقود البيع والإجارة ونحوها ما
دامت المعاوضة والمنفعة والعين مباحة شرعا، وأما ما كان العـوضفيه محرما كالخمر ولحم الخنزير، والمنفعة غـير مباحـة كالفوائـد
الربوية، والعين غير مباحة كالعنب ليتخذ خمرا، أو ملك العـين أو
إجارهتا لأمر محرم، فذلك محرم شرعا، أو ما يستعين به أهل الحرب
منهم على المسلمين.
٢ -ويجوز وقفهم أي الكفار على أنفسهم أو غيرهـم إذا
كان في جهة يجوز الوقف فيها للمسلمين، كالصدقة على الفقراء،
وإصلاح الطرق، وإن وقف على ولده بشرط كفرهم بحيـث لـو
أسلموا لم يستحق أولاده شيئا حرم إمضاء وقفه، وإن وقفوا علـى كنائسهم ومعابدهم حرم ذلك ولم يجز إمضاؤه قضاء لأن في ذلك إعانة لهم على كفرهم.
٣ -يصح نكاح المسلم للكتابية اليهوديـة والنصـرانية ولا
يصح نكاح المسلمة للكتابي، هذا ويرى بعض أهل العلـم حرمـة
نكاح الكتابية إذا ترتب عليه مفسدة من فتنة المسلم في دينه ونحـو ذلك.
٤ -يجوز إدانتهم والاستدانة منهم، وتوثيق ديوهنم بالرهن.
٥ -يجوز تجارة الكفار في بلاد المسلمين فيما هـو مبـاح
شرعا، ويؤخذ عشرها خراجـا يصـرف في المصـارف العامـة
رابعا: ( الفرق بين عقيدة الموالاة وحسن المعاملة)
يقع خلط ولبس عند البعض بين حسن المعاملة مع الكفار غير
الحربيين والبراءة منهم، ويتعين معرفة الفرق بينهما، فحسب التعامل معهم أمر، وأما بغضهم وعداوهتم فأمر آخر، وقد أجاد القرافي ـ في "الفروق" عندما فرق بينهما قائلا:
"اعلم أن االله ـ تعالى ـ منع من التودد لأهل الذمة، بقولـه:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُـونَ
إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ .....] سـورة
الممتحنة، الآية: ١ .[فمنع الموالاة والتودد، وقال في الآية الأخرى:
لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ
مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ ......] سورة الممتحنة، الآية: ٨ .[فلابد
من الجمع بين هذه النصوص، وأن الإحسان لأهل الذمة مطلـوب،وأن التودد والموالاة منهي عنهما... وسر الفرق أن عقـد الذمـة يوجب حقوقا علينا لهم، لأهنم في جوارنا، وفي خفارتنا، وذمـة االله تعالى ـ وذمة رسوله ـ، ودين الإسلام، وقد حكى ابن حزم ـ في مراتبه ـ على أن من كان في الذمة، وجـاء أهـلالحرب إلى بلادنا يقصدونه، وجب علينا أن نخرج لقتالهم بالكراع والسلاح... فيتعين علينا أن نبرهم بكل أمر لا يكون ظاهره يـدل على مودات القلوب، ولا تعظيم شعائر الكفر، فمتى أدى إلى أحد هذين امتنع، وصار من قبل ما هنى عنه في الآية، وغيرها. ويتضـح ذلك بالمثل، فإخلاء اجمال ليس لهم عند قدومهم علينا، والقيـام لهـم حينئذ وبداؤهم بالأسماء العظيمة الموجبة لرفع شأن المنادى هبا، هذا كله حرام، وكذلك إذا تلاقينا معهم في الطريق، وأخلينا لهم واسعها ورحبها والسهل منها، وتركنا لأنفسنا في خسيسها وحزهنا وضيقها
كما جرت العادة أن يفعل ذلك المرء مع الرئيس، والولد مع الوالد، فإن هذا ممنوع لما فيه من تعظيم شعائر الكفر، وتحقير شعائر الله ـ تعالى ـ وشعائر دينه، واحتقار أهله، وكذلك لا يكـون المسـلم عندهم خادما ولا أجيرا يؤمر عليه وينهى.
وأما ما أمر به من برهم من غير مودة باطنة: فهـو كـالرفق
بضعيفهم، وإطعام جائعهم، وإكساء عاريهم، ولين القول لهم على سبيل اللطف لهم، والرحمة لا على سبيل الخوف والذلة، واحتمـال إذايتهم في الجوار مع القدرة على إزالته لطفا منا ، لا خوفـاوتعظيما، والدعاء لهم بالهداية، وأن يجعلـوا مـن آل السـعادة، ونصيحتهم في جميع أمورهم. فجميع ما نفعله معهم من ذلك فليس على وجه التعظيم لهـم،
وتحقير أنفسنا بذلك ولا مصانعة لهم، وينبغي لنا أن نستحضـر في قلوبنا ما جبلوا عليه من بغضنا، وتكذيب نبينا . وأنهم لو قدروا علينا لاستأصلوا شأفتنا، واستولوا على دمائنا وأموالنا،
وأنهم من أشد العصاة لربنا ومالكنا ـ عز وجل ـ ، ثم نعاملهم بعد ذلك بما
تقدم ذكره امتثالا لأمر ربنا....".
وأما ما يدعى مما يسمى زمالة الأديان والتي يراد بها إذهاب ما
في نفس المسلم من العداء للكفر وأهله وعزته بالإسلام، فليس ذلك من حسن المعاملة، بل هو الذوبان في الكفر وأهله، وهو عين الموالاة للكفار كما قال سبحانه: فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ] يونس،
الآية: ٣٢ [وقال سبحانه: وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ
مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآَخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ] آل عمران، الآية: ٨٥
ختاما هذا غيض من فيض عن الولاء والبراء في الإسلام
تعليقات
إرسال تعليق